اليوم وصلتني رسالة بريد إلكتروني وأنا في عملي فهمت منها بأن ابني قد انتهى من أول دورة له على موقع Udemy (بعض التوضيح آت فيما بعد). في بداية هذا العام الدراسي كانت من أحد المبادرات التي تم الاتفاق عليها في تصميم المدرسة المنزلية وتوليت مسؤوليتها هي أن لا تكون دراسة المقررات المدرسية 5 أيام في الأسبوع وقد تم الاتفاق على 3 أيام فقط للمقررات الدراسية، بينما يدرس الطفل مقررات أخرى يتم الاتفاق معه عليها خلال اليومين الآخرين إضافة لاستمتاعه بيومي نهاية الأسبوع كاملين.
مع حب عبد الله (11 سنة) للتصوير ورغبته في تأسيس شركته في أقرب فرصة، شملت مقرراته التصوير، ريادة الأعمال، مهارات اللغة للأعمال، ومباديء التسويق. اخترنا سويا مواد من موقع Udemy وكذلك من موقع "مهارة". كنا نشاهد الفيديو التعريفي للدورة ونطلع على المحتويات والمدة وعدد الدروس ونقارن بين المواد المطروحة والأسعار ونختار. اشترينا أكثر من دورة في كل تخصص بحيث يتم دراستها تباعا كمسارات.
4 مواد يدرسها في يوم كامل بمدة تتراوح من ساعة إلى ساعة ونصف للمادة الواحدة. قمت بوضع خطة أراعي فيها تسلسل المحتوى (لم تستغرق أكثر من ربع ساعة لوضعها ثم أرسلتها له ولأمه مع بيانات الدخول) وقمت باختيار دورة للبدء بها في كل تخصص، ويكرر الجدول في كل يوم. أسأله عما درس وماذا فهم وأرى أنه على الرغم من عائق اللغة فإن ما يحكيه لي يؤكد قدرته على الفهم. يقول أنه سعيد بأنه يكتب ملاحظات وأنه يوقف المادة فيدون ثم يستأنف ويعيد إذا احتاج (تذكرني بملاحظة سلمان خان مؤسس خان أكاديمي حين قال له أبناء عمه أن النسخة الإلكترونية من ابن عمهم أفضل من النسخة الحقيقة).
مع الميول البرمجية لعبد الملك (9 سنوات) فقد اخترت له دورة واحدة فقط من دورات البرمجة بحيث نحدد سويا مجال البرمجة الذي سيختاره بعدها وما إذا كان Udemy هو الموقع المناسب أو أن نكمل على مواقع أخرى أكثر تخصصا مثل Udacity إلى جانب Code.org، واليوم انتهى من الدورة بعد 4 أيام دراسية فقط ووصلتني الشهادة (توضيح بخصوص الشهادة في نهاية المنشور).
إليك أقول أن كثير من أساليب الابتكار اليوم قائم على تعريف البديهيات والافتراضات التي تقوم عليها أي صناعة أو نشاط ثم كسرها وابتكار بدائل لها. إنك ان افترضت دوما ان هناك طريق واحد ووحيد عليك وعلى ابنك ان يسلكه فإن من هو أمامك سيظل دوما أمامك. لو فكرت شركة جوجل بهذه الطريقة لما استطاعت أن تصبح منافسا قويا لمايكروسوفت على الرغم من بدء الثانية قبلها بـ23 سنة، وقل نفس الكلام عن فيسبوك إن أردت.
لقد قررنا كسر قاعدة أن الدراسة 5 أيام في الأسبوع وأن ما صمم للكبار لا يستطيع الصغار الاستفادة منه وهو ما جعل الموارد المتاحة أمام أطفالنا أكبر بكثير مما لو حصرت فيما تم تصميمه خصيصا للأطفال.
يبقى أن أقول أنه بدت لنا فرصة في أن يكون هناك تجمع لنشاط آخر في أحد أيام الأسبوع، أترك المجال فيه لزوجتي للحديث عنه على مدونة سوبر حوا، مما جعل دورات الاهتمامات الآن فقط يوم واحد ومتى أراد الطفل مذاكرة أيا من الدورات خلال أيام نهاية الأسبوع.
الخطأ الذي وقعت فيه انني اشتريت كل الدورات لكل الأطفال بحسابي الشخصي على Udemy وأعطيتهم بيانات الدخول بحيث يتمكنوا جميعا من استخدام نفس الدورات والاستفادة منها مع وجود بعض مواضع التقاطع في الاهتمامات. اليوم حين انتهى عبد الملك من الدورة، جاءت الشهادة من الموقع باسمي فاعتذرت له ووعدته بشراء الدورة له على حسابه الخاص، فضحك وقال، لا يهم، أنا غير مهتم بالشهادة.
لقد قلت سابقا حين كان يدرس أطفالي في المدرسة أنه ينتابني إحساس بالخيانة حين أدرك حجم الموارد المتاحة لأطفالي للتعلم وما أعرفه من مبادرات تتم حول العالم بشكل شبه يومي لتطوير التعليم والمعلمين ثم أتركهم يتعلمون في منظومة تعليمية مدمَّرة ومدمِّرة تعجز قدراتي الشخصية عن إنقاذها، لكني أستطيع أن أنقذ أطفالي.
روابط المواقع التي ورد ذكرها في المنشور:
Udemey: https://www.udemy.com
مهارة: https://www.maharah.net/
منقول عن #محمود_عبدالرحمن
Post A Comment:
0 comments: